بعد رفع الدعم.. المشهد “سوداوي” والآتي أعظم!
الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان لـ"أحوال": سلع أساسية ستختفي من السوق.. والمجاعة آتية!
أصبح الكلام عن رفع الدعم عن السلع، لا سيما الأساسية منها، كالمحروقات والخبز والأدوية، حديث البلد والشغل الشاغل للمواطن اللبناني، الذي بدأ يخزّن هذه المواد خوفًا من انقطاعها أو عدم قدرته على شرائها، وذلك منذ إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بدء نفاد إحتياط المصرف المركزي من العملات الصعبة، وعجزه عن دعم المواد الأساسية لأكثر من 3 أشهر.
وقد بدأ المواطن اللبناني يلمس نتائج الحديث عن رفع الدعم، حتى قبل رفعه، فالأدوية “تشحّ” من الصيدليات، خصوصًا أدوية الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى أزمة “شحّ” المحروقات، حيث أُقفلت العديد من محطات البنزين أبوابها، فيما وضع بعضها الآخر سقفًا على الكمية التي يُسمح للفرد بشرائها، والتي لا تتعدى الـ20000 ليرة لبنانية.
مصادر مطّلعة على هذا الملف، رأت في حديث لـ “أحوال”، أن هذه المشكلة تعود إلى سببين: الأول هو أنّ وكلاء الأدوية ومحتكري البنزين في لبنان يملكون المخزون المطلوب في السوق، لكنهم يفضّلون تخزينه بانتظار رفع الدعم لبيعه بالسعر الجديد وتحقيق أرباح طائلة “غير شرعية”، في حين يعود السبب الثاني إلى زيادة الطلب على هذه السلع، لتخزينها في البيوت نتيجة خوف المواطنين من اختفائها.
“المشهد سوداوي والآتي أعظم”
الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان يصف، في حديثه لـ”أحوال”، المشهد في لبنان “بالسوداوي”، معتبرًا أن الصورة قد تتغيّر في حال تم تخفيض الدعم بنسبة 50% فقط، وعندها قد يكفي المخزون لـ 6 أشهر كحدّ أقصى.
ماذا سيحصل بعد وقف الدعم؟
يرى أبو سليمان أن نتائج رفع الدعم ستكون كارثية، حيث سيرتفع سعر السلع بشكل جنوني، وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء المحكوم بعملية العرض والطلب، خصوصًا بعد أن أعلن حاكم مصرف لبنان أنّ الاحتياط بالعملات الصعبة بدأ يجفّ ولم يبقَ سوى مليار و800 مليون قد لا تكفي لأكثر من 3 أشهر، وبالتالي فاحتياط المصرف المركزي من العملات الصعبة سيكون قد نفد بعد تلك الفترة، مضيفًا: “لن يبقى دولار في المصرف لضبط سعر الصرف أو تأمين المبالغ التي يحتاجها التجار لاستيراد السلع، ما سيزيد الطلب على الدولار وسيفقد الليرة قيمتها وسيرفع أسعار السلع”.
ويشير أبو سليمان إلى أنه ومع ارتفاع سعر السلع وبقاء مداخيل المواطنين اللبنانيين على حالها، ستتآكل القدرة الشرائية لدى الفرد وتنخفض، وبالتالي ستزيد نسبة الفقر من 40%، وهي نسبة الفقر الحالية في لبنان، إلى 70% أي أكثر من نصف الشعب اللبناني سيصبح فقيرًا، وبالتالي ستختفي الطبقة الوسطى، لينقسم النظام الطبقي في لبنان بين غني وفقير فقط.
من جهة أخرى، يتوقع أبو سليمان أنه مع ارتفاع سعر صرف الدولار، ستقفل مؤسسات عديدة أبوابها، ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 50% أي نصف الشعب اللبناني سيصبح عاطلاً عن العمل، وهذا ما سيجبر البعض على اللجوء للسرقة لتأمين لقمة عيشهم، لتدخل البلاد في حالة فوضى… و”الآتي أعظم!”.
“شح” بالمواد الأساسية!
وفي الحديث عن حجم ارتفاع سعر السلع وقدرة السوق السوداء على تأمين الدولار الكافي لشراء المواد، يقول أبو سليمان: “سعر السلع سيرتفع 5 و6 أضعاف، وقد يصعب علينا، في مرحلة ما، تأمين الدولار من السوق السوداء حتى”، مشيرًا إلى أن المطلوب هو 300 أو 400 مليون دولار لتأمين كل السلع والمواد، وهو أمر صعب جدا، ما قد يسبب “الشحّ” في المواد الأساسية.
أما عن الحلول التي يمكن تطبيقها لتخفيف “سوداوية” المشهد، يرى أبو سليمان أنّ الخطوة الأولى في طريق الحل هي تأليف الحكومة والتفاوض مع صندوق النقد الدولي لتأمين القروض، بالإضافة إلى تطبيق الاصلاحات المطلوبة طبعًا، ما له من تداعيات إيجابية على الوضع الاقتصادي بشكل عام.
“المجاعة بانتظارنا”
بعد تعليق لبنان دفع قروض “اليوروبوندز”، تمحورت النقاشات حول مصير احتياط الذهب، الذي تعود ملكيته لمصرف لبنان، أمّا اليوم ومع “تبخّر احتياط مصرف لبنان من العملات الصعبة”، هل تلجأ الدولة إلى بيع الذهب؟
يقول أبو سليمان، في هذا الخصوص، إنّ مخزون الذهب اللبناني موجود في “فورتنوكس” في أميركا، وهو المكان الذي تخزّن فيه جميع الدول احتياطها من الذهب، كما يخزّن لبنان تقريبًا 70% من ذهبه هناك، فيما يبقي 30% من هذا الاحتياط في لبنان، كما يصل حجم الذهب إلى 9 مليون أونصة، أي ما يعادل 19 مليار دولار، مؤكدًا أنه لا يمكن المساس بهذا الاحتياط إلا بتشريع من مجلس النواب، مستبعدًا بالمقابل أن يقدّم المجلس النيابي على خطوة مماثلة، خصوصًا أنّ ملكية هذا الذهب تعود إلى الشعب اللبناني.
وفي السياق، شدّد أبو سليمان على أنّ الحل اليوم لم يعد تقنياً بل سياسيًا، ويتلخّص في تشكيل حكومة والبدء بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة في أسرع وقت ممكن، معتبرًا أنه “من حق الناس أن تخاف، فاذا استمرّ الوضع على ما هو عليه ستكون المجاعة بانتظارنا، والملامة الوحيدة تقع على الشعب الذي سُرق ونُهب وحُجزت أمواله، وأُفقر وجُوّع وقُتل في أكبر إنفجار في تاريخ الشرق الأوسط، ولم يتحرّك”.
باولا عطية